كيف نتعامل مع النقد الجارح؟


اتصلت بي صديقة عزيزة علي تشكو من زميلة لها في العمل، تحدثت بنبرة مكسور الجناح، بدت متاثرة جدا من جراء النقد الجارح ثم راحت تروي لي تفاصيل الحادثة و هي تجهش بالبكاء، استغربت من ردة فعل صديقتي و لكنني اكتفيت بالصمت و انا استمع اليها، و عندما افرغت ما في جعبتها قدمت لها هذه النصيحة:

كلنا يتعرض للنقد الشرس غير البناء، و لكل منا طريقته الخاصة في التعامل مع هذا الموقف.
في الواقع، إن عدم التأثر بالنقد بتاتا هو أمر شبه مستحيل، فلحظة التعرض لهذا الهجوم المفاجئ، يحس كل منا ببعض من الذهول مع تسارع دقات القلب، تعرق، الم بالرأس، احمرار في الوجه و احساس شديد بالضيق .
هناك من تكون ردة فعله عنيفة مع المنتقد، و هناك من يتظاهر بعدم الإكتراث و هناك من ينهار امام الشخص الذي انتقده ... والآن دعيني اسألك هذا السؤال: 
لماذا تسمحين لمثل هذا الشخص بأن يشعرك بكل هذه الطاقة السلبية ؟؟ حتى أن البعض منا يذهب الى البيت و لكنه لا يستطيع التوقف عن التفكير في ذلك الموقف، يتذكر الحادثة بأدق تفاصيلها و يعيد الحوار الذي دار بينه و بين ذلك الشخص ثم يشعر بضيق اكبر! و لاينتهي الامر عند هذا الحد بل يتعداه الى فقدانه للشهية فتراه كئيبا لا يستطيع ان يأكل او ينام! و هناك اشخاص يحسون بغضب شديد يصبون جام غضبهم على اقرب الناس اليهم !!
سوف اعيد عليك السؤال للمرة الثانية :
لماذا تعطين هذا الشخص السلطة الكاملة للتنكيد عليك؟ تتزايد كمية الادرينالين في جسمك و تحسين بالوهن و الغضب و قلة الحيلة كلها في آن واحد بينما يستمتع هو بيومه و تزداد ثقته بنفسه لأنه نجح في تعكير مزاجك و افقادك ثقتك بنفسك (بعضهم لا يتعمد ذلك) !
من يكون هذا الشخص الذي استطاع ان يقنعك بانك "فاشلة"، أو "بدون قيمة" ؟ هل هو مثال يحتذى به ؟
وإن تأملت جيدا فستجدين أن هذا المنتقد عبارة عن شخص عادي لا هو بالأذكى و لا الأحسن منك ! اعطيت هذا الشخص مفتاحا ثمينا جدا:
تخيلي معي أن (حياتك) عبارة عن سيارة و هذا الشخص يأخذ المفتاح منك و يدفعك جانبا ثم يبدأ بالقيادة (قيادة مشاعرك) انه شعور رهيب أليس كذلك ؟
أوقفي هذا الشخص في الحال و ادفعيه خارج السيارة و تولي انت القيادة! انها حياتك، أنت مسؤولة عن أحاسيسك، لا تسمحي لأين كان ان يشعرك بالنقص ! 
وعلى ذكر موضوع النقص، فأنه شعور يتولد في مرحلة الطفولة عندما يتعرض الصغار الى النقد الجارح من طرف أوليائهم (عن حب) فيكبرون بهذا الشعور  الرهيب و يعانون منه في الكبر حتى و إن نجحو في دراستهم و تقلدوا أعلى المناصب فانك تجدينهم يتألمون نفسيا من جراء ادنى نقد!
الحل  لهذه المشكلة بسيط جدا و هو ان نثق في انفسنا و في مهاراتنا و قدراتنا و نؤمن بأننا نستحق الإحترام.
لقد خلق الله سبحانه و تعالى الإنسان و ميزه بالعقل، هذا العقل العجيب الذي بفضله صعد البشر على سطح القمر! فلتعلمي ان ذكاءك غير محدود و ان قدرتك على اجتياز الصعاب أمر مفروغ منه عندما تتوفر العزيمة و الثقة بالنفس (: 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق